يا عزيزي ليست الأمور دائمًا كما نرسمها في خيالنا، فالإنسان مهما بلغت قُدراته يبقى جزءًا صغيرًا من لوحة كونية عظيمة، تتداخل فيها الخيوط وتتشابك الأقدار.
![]() |
| لماذا لا يحدث الذي أتمناه رغم بذل الأسباب؟ |
قد نسعى ونكدّ ونبذل الغالي والنّفيس لِنُحقّق أحلامنا، لكن لا نملك تسخير الرياح ولا تغيير مسار النجوم، فالله سبحانه هو المدبّر الحكيم، له في كلّ أمرٍ خيرٌ وحكمة، قد لا تُدركها عقولنا المحدودة.
ربّما تُغلق في وجهنا أبوابٌ ظنناها مفتوحةً على مِصراعَيها، ليس لِقصورٍ في سعينا، ولكن لأنّ الخير الحقيقي قد يكون كامنًا في مكانٍ آخر، أو في زمنٍ آخر، فما أُخّر ليس بمفقود، وما فُقد ليس بمطلوب.
و لِتوضيح هذه الفكرة، دعنا نتخيّل شابّين من بلدين عربيّين مُختلفين، الأوّل من بلدٍ يُعاني من الفقر والفساد، حيث تُقيّد البيروقراطية والظّروف الاقتصادية الصّعبة طموحات الشّباب أمّا الثّاني، فهو من بلدٍ خليجيّ غنيّ يُشجّع التّعليم ويُوفّر الفرص للشّباب.
الشّاب الأوّل، رغم ذكائه، يجد نفسه عاجزًا عن مُتابعة دراسته العُليا بسبب فقر أسرته، بينما يحظى الثّاني بِدعمٍ كبير لِإكمال تعليمه في أفضل الجامعات.
تُثير هذه القصة الكثير من التساؤلات حول دور الظّروف في تشكيل مَصائر الأفراد، لكنّها تُؤكّد في نفس الوقت على أهمّية الإيمان بِالله والتّوكّل عليه، فمهما كانت الظّروف صعبة، يبقى الأمل موجودًا والفرج قريبًا.
إنّ هذه التّجارب التي نُواجهها في حياتنا، بنجاحاتها وإخفاقاتها، ما هي إلاّ دروسٌ نَتعلّم منها الصّبر والرّضا، ونُدرك من خلالها معنى التّوكّل على الله حقّ التّوكّل، إنّها فرصةٌ لِتطهير النّفوس وتزكيتها، ولِتغيير النّظرة إلى الأمور بِعينِ الحكمة والرّضا.
قد يُخيّل إلينا أنّنا فَشِلنا عندما لا نصل إلى ما نُريد، لكنّ الحقيقة أنّ هذه "الإخفاقات" قد تكون نقطة انطلاقٍ نحو مساراتٍ جديدة، ونحو إمكانياتٍ لم نكن لِنكتشفها لولا تلك التّجارب، فلا تيأس ولا تحزن، فإنّ مع العُسرِ يُسرًا، وبعد الليل فجرٌ جديد.
ثق يا صديقي بأنّ الأمور تسير وفق تدبيرٍ إلهيّ محكم، وأنّ ما خُلق لك سيأتيك ولو كان في بطن الحوت، وما لم يُخلق لك لن يأتيك ولو كان بين يديك، فاسعَ واطلب وارغب، ولا تنسَ أن تُسلّم الأمر لِخالقه، فهو أعلم بما فيه الخير لك.
Read More
